واشنطن تمهّد لنشر قوة دولية في غزة مطلع العام المقبل وسط ترتيبات أمنية معقّدة


كشفت مصادر أميركية رفيعة أن الولايات المتحدة تتحرك بخطوات متسارعة لتنسيق نشر قوة دولية في قطاع غزة مع بداية العام المقبل، وذلك في إطار خطة أوسع تهدف إلى تثبيت الهدوء وتهيئة الظروف للمرحلة الثانية من اتفاق السلام الذي أعلنت عنه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

خطط أميركية قيد الإعداد

ووفقاً لما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤولين أميركيين – فضّلا عدم الكشف عن هويتهما – فإن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على وضع التفاصيل النهائية المتعلقة بحجم القوة الدولية، وتركيبتها، ومواقع تمركزها، ومهام تدريبها، إضافة إلى صياغة قواعد الاشتباك التي ستلتزم بها خلال عملها على الأرض.

ورغم ذلك، لم تُحسم بعد طبيعة الدور العسكري لهذه القوة، إذ امتنع المسؤولان عن تأكيد ما إذا كانت ستدخل في مواجهة مباشرة مع حركة حماس. إلا أن دولاً عدة أعلنت استعدادها للمشاركة في القوة الجديدة، فيما تدرس واشنطن تعيين جنرال أميركي برتبة نجمتين لقيادة المهمة، مع بقاء القرار الرسمي قيد المراجعة.

جزء رئيسي من خطة ترامب للسلام

يمثّل نشر هذه القوة ركيزة أساسية في المرحلة الثانية من خطة السلام الأميركية. وكان وقف إطلاق النار الهش قد بدأ في 10 أكتوبر بعد حرب استمرت عامين، تبادل خلالها الطرفان إطلاق سراح رهائن ومعتقلين. وفي هذا السياق، أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن الإدارة تعمل على "تخطيط هادئ ومكثّف خلف الكواليس" لضمان سلام طويل الأمد.

إندونيسيا تعلن استعدادها لإرسال قوات

في سياق متصل، أعلنت إندونيسيا نيتها إرسال ما يصل إلى 20 ألف جندي للعمل في المهام الصحية والإنشائية داخل القطاع. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الإندونيسية، ريكو سيرايت، إن بلاده ما زالت في مرحلة التخطيط وبناء الهيكل التنظيمي للقوة التي سيتم إرسالها حال الاتفاق النهائي.

واقع السيطرة داخل غزة

تشير التقارير الأميركية إلى أن إسرائيل تسيطر حالياً على نحو 53% من قطاع غزة، بينما يعيش قرابة مليوني نسمة في الجزء المتبقي الذي تسيطر عليه حماس.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الخطة الأميركية – التي لا تزال تنتظر التصديق النهائي من "مجلس السلام" – تنص على نشر القوة الدولية في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، على أن يجري انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية بمجرد نجاح القوة الدولية في تثبيت الأمن وفرض معايير نزع السلاح.

تفويض أممي… لكن التنفيذ لا يزال غامضاً

كان مجلس الأمن قد منح في 17 نوفمبر تفويضاً رسمياً لـ "مجلس السلام" والدول المشاركة فيه لتشكيل القوة الدولية. كما كشف الرئيس ترامب أن قادة الدول المنضمة للمجلس سيتم الإعلان عن أسمائهم في مطلع العام المقبل.

ووفقاً للتفويض الأممي، ستعمل القوة الدولية بالتنسيق مع شرطة فلسطينية تم تدريبها مؤخراً، لضمان تنفيذ عملية شاملة لنزع السلاح في غزة، تشمل تدمير البنى العسكرية ومنع إعادة بنائها من جديد. لكن آليات التطبيق العملية لا تزال غير واضحة.

وصرّح السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتس، بأن التفويض يسمح باستخدام "جميع الوسائل الضرورية"، في إشارة ضمنية إلى إمكانية استخدام القوة العسكرية عند الحاجة.

موقف حماس

من جانبها، أكدت حركة حماس أن مسألة نزع السلاح لم تُطرح عليها رسمياً خلال المباحثات التي تجريها كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر. وجددت الحركة موقفها الرافض للتخلي عن سلاحها قبل التوصل إلى اتفاق شامل يضمن إقامة دولة فلسطينية.

وبين تصريحات واشنطن ومواقف الأطراف المختلفة، يبقى مستقبل القوة الدولية المرتقبة مرهوناً بمدى قدرة الأطراف على تجاوز العقبات السياسية والأمنية التي لا تزال تحيط بالخطة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال